جميل بثينة
أبثين إنك قد ملكت فأسجحـي
وخذي بحظك من كريم واصـل
فلـرب عارضة علينا وصلهـا
بالجـد تخلطه بقـول الـهازل
فأجبتهـا بالرفـق بعد تستـر
حبـي بثينة عن وصالك شاغلي
لو أن في قلبـي كقدر قلامـة
فضلا وصلتك أو أتتك رسائلـي
ويقلـن إنك قد رضيت بباطـل
منها فهل لك في اعتزال الباطـل
ولباطـل مـمن أحب حديثـه
أشهـى إلي من البغيض البـاذل
ليـزلن عنك هواي ثم يصلننـي
وإذا هـويت فما هواي بزائـل
صادت فؤادي يا بثين حبالكـم
يوم الحجون وأخطأتك حبائلـي
منيتنـي فلـويت مـا منيتنـي
وجعلت عاجل ما وعدت كآجل
وتثاقلت لـما رأت كلفي بـها
أحبب إلـي بذاك من متثاقـل
وأطعـت في عواذلا فهجرتنـي
وعصيت فيك وقد جهدن عواذلي
حاولننـي لأبت حبل وصالكـم
منـي ولست وإن جهدن بفاعل
فرددتـهن وقد سعين بـهجركم
لـما سعيـن له بأفوق ناصـل
يعضضـن من غيظ علي أنامـل
ووددت لو يعضضن صم جنادل
ويقلـن إنك يا بثيـن بـخيلة
نفسي فـداؤك من ضنين باخـل
تعريف بالشاعر لمن لا يعرفه
الشاعر جميل بن معمر العذري و كنيته أبو عمرو صاحب الغزل العفيف الرصيف و هو من بني عذرة إحدى قبائل قضاعة وقد اشتهر بحب بثينة ابنة عمه و كانا يقيمان في واد القرى و هو واد بالحجاز شمال المدينة و كان يعرفها صغيرة ثم افترقا و لم يكن يراها حتى صارت شابة نظم فيها القصائد حتى اشتهر أمره و طمح في الزواج منها فلما منع من
ذلك وشكاه أهلها فر إلى اليمين وأخيرا لجأ إلى مصر حيث توفي سنة 82هجرية
ترك ديوان شعره أكثره في الغزل والهيام ببثينة .
كان جميل بن معمر من رواد الشعر العفيف العذرى وكان هذا النوع من الشعر يبتعد عن وصف محاسن المراة والتغزل بها
ويعنى بالعاطفة والمشاعر والابتعاد عن الالفاظ الصريحة الماجنة واستخدام الفاظ مهذبة نابعة عن مشاعر حقيقية
والقصيدة التى اخترتها لكم ليست اجمل ماكتب فى بثينة فقد كتب الكثير الجميل وسوف انشر لكم بعضا من اشعاره تباعا
وفى تلك القصيدة يحاول ان يبثها مشاعره ويذكرها بيوم لقاؤهما فى منطقة تدعى الحجون وكيف ان صديقاتها يحاولون ان يباعدوا بينهم ولكنه يأبى الا ان يحب ثينة ويدافع عنها امامهن عندما اتهموها بالبخل فى عواطفها تجاهه رغم شعوره هو بأنها فعلا تتثاقل عليه يوم علمت بحبه لها
اتمنى ان تحوز القصيدة اعجابكم
وشكرا
عشق جميل بثينة بنت يحيى من بني ربيعة، منذ الصغر فلما كبر خطبها فمنعه أهلها عنها، فأنطلق ينظم الشعر فيها فجمع لها قومها جمعاً ليأخذوه إذا أتاها فحذرته بثينة فاستخفى وقال:
فلو أن الغادون بثينة كلهمغياري وكل حارب مزمع قتليلحاولتها إما نهاراًمجاهراًوإما سرى ليلٍ ولو قطعت رجلي
وهجا قومها فاستعدوا عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة، فنذر ليقطعن لسانه فلحق بجذام وقال:
أَتانِيَ عَن مَروانَ بِالغَيبِ أَنَّهُمُقيدٌ دَمي أَو قاطِعٌ مِن لِسانِيافَفي العيشِ مَنجاةٌ وَفي الأَرضِ مَذهَبٌإِذا نَحنُ رَفَّعنا لَهُنَّ المَثانِياوَرَدَّ الهَوى أُثنانُ حَتّى اِستَفَزَّنيمِنَ الحُبِّ مَعطوفُ الهَوى مِن بِلادِيا
بقى جميل هناك حتى عزل مروان عن المدينة، فأنصرف على بلاده وكان يختلف إليها سراً، كان لبثينة أخ يقال له حوَّاش عشق أخت جميل وتواعد للمفاخرة فغلبه جميل، ولما اجتمعوا لذلك قال أهل تيماء: قل يا جميل في نفسك ماشئت، فأنت الباسل الجواد الجمل، ولا تقل في أبيك شيئاً فإنه كان لصاً بتيماء في شملة لا تواري لبسته، وقالوا لحواش قل، وأنت دونه في نفسك وفي أبيك ما شئت فقد صحب النبي "صلى الله عليه وسلم".
قال كثير: قال لي جميل يوماً: خذ لي موعداً مع بثينة، قلت: هل بينك وبينها علامة؟ قال: عهدي بهم وهم بوادي الدوم يرحضون ثيابهم، فأتيتهم فوجدت أباها قاعداً بالفناء، فسلمت، فرد وحادثته ساعة حتى استنشدني فأنشدته:
وَقُلتُ لَها ياعَزَّ أَرسَلَ صاحِبيعَلى نَأيِ دارٍ وَالرَسولُ مُوَكَّلُبَأَن تَجعَلي بَيني وَبَينَكِ مَوعِداًوَأَن تَأمُريني بِالَّذي فيهِ أَفعَلُوَآخِرُ عَهدٍ مِنكَ يَومَ لَقيتَنيبِأَسفَلِ وادي الدَومِ وَالثَوبُ يُغسَلُ
فضربت بثينة جانب الستر، وقالت إخسأ، ولما تساءل والدها، قالت: كلب يأتينا إذا نوم الناس من وراء هذه الرابية، قال: فأتيت جميلاً وأخبرته أنها وعدته وراء الرابية إذا نام الناس.
كما يروي ابن عياش قائلاً: خرجت من تيماء فرأيت عجوزاً على أتان - أنثى الحمار- فقلت من أنت: قالت: من عذرة، قلت: هل تروين عن جميل ومحبوبته شيئاً فقالت: نعم، إنا لعلى ماء بئر الجناب وقد أتقينا الطريق واعتزلنا مخافة جيوش تجيء من الشام إلى الحجاز، وقد خرج رجالنا في سفر، وخلفوا عندنا غلماناً أحداثاً، وقد أنحدر الغلمان عشية إلى صرم لهم قريب منا ينظرون إليهم، ويتحدثون عن جوار منهم فبقيت أنا وبثينة، إذا انحدر علينا منحدر من هضبة حذاءنا فسلم ونحن مستوحشون فرددت السلام، ونظرت فإذا برجل واقف شبهته بجميل.
فدنا فأثبته فقلت: أجميل؟ قال: إي والله، قلت: والله لقد عرضتنا ونفسك شراً فما جاء بك؟ قال: هذه الغول التي وراءك وأشار إلى بثينة، وإذا هو لا يتماسك فقمت إلى قعب فيه إقط مطحون وتمر، وإلى عكة فيها شيء من سمن فعصرته على الأقط " الجبن"، وأدنيته منه فقلت: أصب من هذا وقمت إلى سقاء لبن فصببت له في قدح ماء بارد وناولته، فشرب وتراجع فقلت له: لقد جهدت فما أمرك؟ فقال: أردت مصر فجئت أودعكم وأسلم عليكم، وأنا والله في هذه الهضبة التي ترين منذ ثلاث ليال أنظر أن أجد فرصة حتى رأيت منحدر فتيانكم العشية، فجئت لأحدث بكم عهداً، فحدثنا ساعة ثم ودعنا وانطلق، فلم نلبث إلا يسيراً حتى أتانا نعيه من مصر.
وهكذا مات جميل ومات معه حبه ولكن يظل شعره ينبض بالحياة ويروي لنا قصة عاشق:
لَقَد ذَرَفَت عَيني وَطالَ سُفوحُهاوَأَصبَحَ مِن نَفسي سَقيماً صَحيحُهاأَلا لَيتَنا نَحيا جَميعاً وَإِن نَمُتيُجاوِرُ في المَوتى ضَريحي ضَريحُهافَما أَنا في طولِ الحَياةِ بِراغِبٍإِذا قيلَ قَد سوّي عَلَيها صَفيحُهاأَظَلُّ نَهاري مُستَهاماً وَيَلتَقيمَعَ اللَيلِ روحي في المَنامِ وَروحُهافَهَل لِيَ في كِتمانِ حُبِّيَ راحَةٌوَهَل تَنفَعَنّي بَوحَةٌ لَو أَبوحُها
أجمل قصائده :
و لعل أكثر ما يحفظ الناس من شعر جميل هذه الأبيات :
أبثين انك قد ملكت فأسجحيو خذي بحظك من كريم واصلفلرب عارضة علينا وصلهابالجد تخلطه بقول الهازلفأجبتها بالقول بعد تسترحبي بثينة عن وصالك شاغليلو كان في قلبي كقدر قلامةفضلا وصلتك أو أتتك رسائليصادت فؤادي يا بثين حبالكميوم الحجون و أخطأتك حبائليمنيتني فلويت ما منيتنيو جعلت عاجل ما وعدت كآجلو أطعت في عواذلا فهجرتنيو عصيت فيك و قد جهدن عواذليو تثاقلت لما رأت كلفي بهاأحبب الي بذلك من متثاقلو يقلن انك يا بثين بخيلةنفسي فداك من ضنين باخلو يقلن انك قد رضيت بباطلمنها فهل لك في اجتناب الباطلو لباطل ممن أحب حديثه أشهىالي من البغيض الباذلحاولنني لأبت حبل وصالكممني و لست و ان جهدن بفاعلفرددتهن و قد سعين بهجركملما سعين له بأفوق ناصليعضضن من غيظ لعي أناملاووددت لو يعضضن صم جنادلليزلن عنك هواي ثم يصلننيفاذا هويت فما هواي بزائل
و من روائعه أيضا :
خليلي عوجا اليوم حتى تسلماعلى عذبة الأنياب طيبة النشرفإنكما إن عجتما لي ساعةشكرتكما حتى أغيب في قبريألما بها ثم أشفعا لي وسلماعليها سقاها الله من سائغ القطروبوحا بذكري عند بثنة و أنظراأترتاح يوما أم تهش إلى ذكريفان لم تكن تقطع قوى الود بينناولم تنس ما أسفلت في سالف الدهرفسوف يرى منها اشتياق ولوعةببين وغرب من مدامعها يجريوأن تك قد حالت عن العهد بعدناوأصغت الي قول المؤنب والمزريفسوف يرى منها صدود و لم تكنبنفسي من أهل الخيانة والغدرأعوذ بك اللهم أن تشحط النوىببثنة في أدنى حياتي ولا حشريوجاور اذا ما مت بيني وبينهافيا حبذا موتي إذا جاورت قبريهي البدر حسنا والنساء كواكبوشتان بين الكواكب والبدرلقد فضلت حسنا على الناس مثلماعلى ألف شهر فضلت ليله القدرأيبكي حمام الأيك من فقد ألفهوأصبر ؟ مالي عن بثينة من صبريقولون : مسحور يجن بذكرهاوأقسم ما بي من جنون ولا سحرلقد شغفت نفسي يا بثين بذكركمكما شغف المخمور يابثن بالخمرذكرت مقامي ليله البان قابضاعلى كف حوراء المدامع كالبدرفكدت ولم أملك اليها صبابةأهيم وفاض الدمع مني على نحريفيا ليت شعري هل أبيتن ليلةكليلتنا حتى نرى ساطع الفجرتجود علينا بالحديث و تارةتجود علينا بالرضاب من الثغرفيا ليت ربي قد قضى ذاك مرةفيعلم ربي عند ذلك ما شكريولو سألت مني حياتي بذلتهاوجدت بها إن كان ذلك من أمريمضى لي زمان لو أخير بينهوبين حياتي خالدا آخر الدهرلقلت : ذروني ساعة و بثينةعلى غفلة الواشين ثم أقطعوا عمريمفلجة الأنياب لو أن ريقهايداوى به الموتى لقاموا من القبرإذا ما نظمت الشعر في غير ذكرهاأبى وأبيها أن يطاوعني شعريفلا أنعمت بعدي ولا عشت بعدهاودامت لنا الدنيا إلى ملتقى الحشر