بسم الله الرحمن الرحيم !! !
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله صحبه أجمعين، أما بعد
أولا :
الإخلاص لله في تربية الولد
ينبغي أن نتساءل : لماذا نحرص على أن نربي أولادنا تربية صالحة؟
= هل لينفعونا كباراً حين نكبر ونحتاج إليهم؟
= هل لنفتخر بهم أمام الناس ونتباهى بهم عند الآخرين؟
= هل لكيلا نعير بهم وتسوءنا سيرتهم؟
هذه نيات باطلة ومآس ظاهرة , لعلها السر الأكبر في فساد الأولاد؛ فإن النيات الفاسدة لا يصلح معها العمل , قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ }[ يونس : 81] ؛ فيجب إن أردنا ذرية صالحة أن نصحح نياتنا : أننا إنما نربيهم لأن الله أمرنا بذلك .
إن استشعارهذه المسؤولية واجب علينا ..
أن هذه التربية تكليف من الله عز وجل , وأنها فريضة نؤجر بفعلها ونأثم على تركها .. تعميق هذا المعنى في القلب ( أنك تؤدي واجباً فرضاً حتماً لازماً يراقبك فيه الله وسيحاسبك ) يجعلك تؤدي هذه المهمة كما يحب هو ويرضى، لا كما تبتغي وتهوى . وأيضا بهذه النية تستجلب إعانته وتثبيته وتوفيقه , فكم من حريص على تربية الأبناء شغوف بها وهو غير موفق؛ فتأتي النتائج العكسية .
والأمر الثاني
شكر نعمة الولد
نعم : إننا لم نشكر نعمة الله علينا أن وهبنا الأولاد - وهي النعمة التي لا يدري عِظمها إلا من حرمها - وكان من أوليَّات ذلك : أن نحسن تربيتهم ليكونوا عبيداً لله الذي خلقهم لنا ورزقنا إياهم , واستخلفنا في رعايتهم , قال ربي سبحانه وتعالى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم :7]
فمن يكفر بنعمة الله فلا يشكرها؛ فإن الله شديد العقاب , فيبتليه من جنس النعمة فتصير عليه نقمة , فيرهقه الأولاد بمتطلباتهم فلا يقدر عليها , ويحزنوه بانحراف سلوكياتهم وفساد أخلاقهم؛ طغياناً وكفراً .
أما المؤمنون الشاكرون لأنعم الله جل وعلا , المحافظون على أولادهم من الضلال؛ فيرزقهم رزقا حسناً , فيبرهم أبناؤهم , ويكونون خيراً لهم في دينهم ودنياهم : قال ربي، وأحقُّ القولِ قولُ ربي : { وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا = فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا } [ الكهف :80-81]
فانظر - أيها الوالد - ماذا عساك أن تصنع حين يعاتبك الله تعالى على نعمة , فيقول : " ألم أجعل لك سمعاً وبصراً ومالاً؟ وسخرت لك الأنعام والحرث ؟ وتركتك ترأس وتربع؟ فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟ فيقول : لا , فيقول له : اليوم أنساك كما نسيتني " [ مسلم ، وتربع : أي تغنم ].
ينساك الله كما نسيت أولادك وضيعتهم , وتركتهم في براثن الجاهلية؛ فاغتالتهم شياطين الإنس والجن ..
ألا فاستعد للقاء الله وحسابه { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } [ آل عمران :30]
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
[